منذ أكتوبر عام 2014، عمدت ميليشيات الحوثيين بعد احتلالها العاصمة اليمنية صنعاء للسيطرة على مدينة الحديدة الاستراتيجية على سواحل البحر الأحمر.

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت المدينة الهادئة التى تعد من بين المدن التى تحمل لقب «عروس البحر الأحمر» ساحة قتال حامية الوطيس بين القوات اليمنية والحوثيين، الذين مثلت لهم المدينة أهمية بالغة.

فهى حلقة الوصل البحرى لهم، يتلقون من خلالها إمدادات السلاح عبر موانيها، حيث تحوى أهم المواني اليمنية، وعلى رأسها ميناء الحديدة، الذى يقع فى منتصف الساحل الغربى لليمن على البحر الأحمر، وقد أنشيء عام 1961 بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي، وهو أيضا من مراكز التجارة التاريخية على الساحل اليمني، نظرا لقربه من الخطوط الملاحية العالمية، ولكونه يتمتع بحماية طبيعية من الأمواج، حيث يحتوى الميناء على 8 أرصفة بطول إجمالى يتجاوز 1461 مترا، بالإضافة إلى رصيفين آخرين بطول 250 مترا فى حوض الميناء، تم تخصيصهما لتفريغ ناقلات النفط.

ويبلغ طول الممر الملاحى فى الميناء أكثر من 10 أميال بحرية، ويبلغ عرضه قرابة 200 متر، فى حين يصل عمقه إلى 10 أمتار، ويستطيع الميناء استقبال سفن بحمولة أكثر من 30 ألف طن، كما يوجد فى الميناء 12 مستودعا لتخزين البضائع المختلفة، و15 لنشا بحريا بمواصفات ومقاييس مختلفة لغرض الإنقاذ البحرى والإرشاد والمناورات البحرية.

ويلعب ميناء الحديدة دورا كبيرا فى وصول المواد الغذائية إلى داخل اليمن، حيث يتم الاعتماد عليه بشكل كبير عند معظم عمليات الاستيراد، خاصة أن 80% من الواردات والمساعدات اليمنية تمر من خلاله، بما فى ذلك الطعام والأدوية، وهو يغذى جميع المحافظات اليمنية.

وقد تم تعطيل الميناء أو إغلاقه عدة مرات خلال الأزمة، مما تسبب فى حصول الكثير من الكوارث الإنسانية، باعتبار أنه الممر الأول إلى جميع الجزر اليمنية ذات العمق الاستراتيجي، وأهمها جزيرتا حنيش الكبرى والصغرى وجبل صقر الذى يرتفع أكثر من 3700 قدم عن مستوى سطح البحر.

وحنى الحوثيون من السيطرة على ميناء الحديدة عوائد مالية كبيرة، واستخدموه لإدخال الأسلحة والصواريخ الباليستية المهربة، كما استخدموه قاعدة لانطلاق عملياتهم العسكرية عبر البحر، علاوة على نشر الألغام البحرية.

كما يوجد بالحديدة ميناء الصليف، وهو يقع شمال غرب المدينة، ويبعد عنها مسافة 60 كيلومترا، ويتميز هذا الميناء بقدرته على استقبال السفن العملاقة، بسبب العمق الكبير للبحر فى محيطه، وخصص هذا الميناء لاستقبال سفن القمح والذرة والمواد الغذائية الأخري، وهو مزود بالصوامع والتجهيزات الضرورية لاستقبال وتخزين تلك المواد، بالإضافة إلى ميناء رأس عيسي، وهو يعد من أهم المواني النفطية اليمنية، ونقطة الوصول لخط أنابيب النفط مأرب - رأس عيسي، الذى تبلغ قدرته اليومية 200 ألف برميل، ويتميز الميناء بخزان عائم مؤهل لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام.

وتبعد الحديدة عن العاصمة صنعاء نحو 226 كيلو مترا، ويشكل سكانها نسبة 11% من إجمالى سكان اليمن تقريبا، وهى تحتل المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد محافظة تعز، وبها 26 مركزا أو مديرية.

وذاع صيت الحديدة أخيرا، وارتبط اسمها، بمشاورات السلام التى أقيمت فى منطقة «ريمبو» الهادئة التى تبعد 60 كيلومترا عن شمال العاصمة السويدية ستوكهولم، والتى جمعت بين طرفى الأزمة اليمنية الحكومة المدعومة من التحالف العربى والحوثيين المدعومين من إيران، حيث نتج عن تلك المشاورات ما سمى بـ«اتفاق الحديدة».

وسيؤدى تحرير المدينة ومينائها وفقا للاتفاق إلى وقف إمداد الحوثيين بالأسلحة، كما أنه سيمنعهم من استخدامه كقاعدة لانطلاق أعمالهم العسكرية فى الساحل الغربى لليمن، وتهديد حركة الملاحة البحرية والتجارة العالمية فى باب المندب عبر البحر الأحمر، كما أن تحرير الحديدة سيكون تطورا نوعيا يفتح الطريق لتحرير بقية المحافظات الساحلية فى شمال اليمن، فى إطار السعى لإحكام السيطرة على كل المنافذ البحرية، مما يمهد للوصول إلى محافظات الوسط وعلى رأسها العاصمة صنعاء.

وتعد الزراعة النشاط الرئيسى لسكان الحديدة، حيث تحتل المركز الأول بين المحافظات اليمنية فى إنتاج بعض المحاصيل الزراعية، كما تمتاز الحديدة بانتشار نشاط الصيد السمكي، وتنتشر بها بعض المعادن. كما تمتاز الحديدة بالمعالم والآثار السياحية المتنوعة، بالإضافة إلى معالمها التاريخية، التى تأتى على رأسها الآثار الإسلامية فى مدينة زبيد التاريخية، مثل الجامع الكبير وجامع الأشاعر فى مدينة بيت الفقيه ومدينة الخوخة الساحلية، كما يوجد فيها العديد من المنتجعات والفنادق والمطاعم السياحية، وهناك عدد من الشخصيات اليمنية الشهيرة التى ترجع أصولها إلى المحافظة .