اخبار من اليمن بعيداً عن السلطة وصخب السياسة المزعجة، عاش الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قصة حب يهيم بها كل العشاق، ظل يحب فتاة طوال حياته لكنه لم يستطيع الزواج بها، نظراً لتقاليد الأسرة أنذاك، ورغم أنه تزوج بغير محبوبته إلا أن المفارقة كانت وفاته بعد وفاة حبيبته بـ4 أشهر.

ظل جمال عبد الناصر يخفي حبه لتلك الفتاة عن الجميع فلم يعرف أحد بتلك القصة إلا عندما اعترف بها في 28 مايو عام 1939، وسجلها في خطاب وأرسله لصديق الطفولة حسن النشرتي وقال فيه إنه انتقل إلى حي الظاهر، وبينما كان يمشي وجدها ومن أول نظرة أحبها، ووجد نفسه يدندن بأغنية محمد عبد الوهاب "جفنه علم الغزل"، لكنه لم يصرح بهذا الحب مباشرة واكتفى بأن يقول لصديقه، وبحث عن منزلها في حي الظاهر حتى عثر عليه بشارع الخليج أمام سينما فيكتوريا.

كان حب جمال عبد الناصر بالنظرات صامت أخرس، فلم يحاول تتبعها ولا معاكستها حتى لا يقع في ما يقال عنه عبث الشباب، وحتى لا يقال عنها القيل والقال فأحبها على طريقة نذار قباني الذي قال: "إن كان لايمكنك الحضور يا حبيبتي لأي عذر طارئ فسأكتفي بالرائحة.. إن كان لا يمكنك أن تأتي غداً لموعدي فتعالي البارحة"، حسبما ذكر الكاتب عادل حمودة في كتابه "حكومات غرف النوم".

كان عمر جمال عبد الناصر حينها 22 عاما أما هى فكانت لاتزيد عن الـ17، وتدرس في مدرسة الفنون بشبرا، ولها أختان أكبر منها لايمكن أن تتزوج قبلهما بحسب التقاليد السائدة، وكان هذا سبب رفض جمال عبد الناصر عندما تقدم للزواج منها، وهو ما صدمه وأسكن الحزن في قلبه، لكنه مضى في قطار الحياة وكأن شئ لم يكن.

ولأن الحب يقاسم الإنسان طعامه وفراشه وأحلامه وأفكاره ورغباته، فقد تألم "عبد الناصر"، وتوقف عن التدخين بعد إصابته بمرض السكر، وبمرور الوقت أصيب بالكوليسترول وتصلب الشرايين وضيق الأوعية الدموية وأصبح لا يأكل سوى الخضار المسلوق، فلم يعد يفكر في الجنس ولا ينشغل بالنساء، فكان قاسياً على نفسه.

صدمته العاطفية وفشله في الارتباط بمن أحب جعلت كل من حوله يبحثوا له عن عروسة، فلم يستجب لهم وطلب منهم أن يتركوا هذا الأمر للظروف وهو ما حدث بالفعل.

وفي صباح يوم الـ17 مايو 1970 شيعت جنازة الفتاة التي أحبها عبد الناصر ولم يتزوجها، وكانت قد تزوجت من مدرس وأنجبت ابنان أحدهما كان يدرس بكلية التجارة أنذاك، والأخر في المدرسة الثانوية، وقد قرأ جمال عبد الناصر النعي في جريدة الأهرام فوضع على عينة نضارة سوداء وقاد سيارته بنفسه وتحرك بها خلف الجنازة دون حراسة ودون أن يشعر به أحد، وبعد رحيلها بأربعة أشهر و11 يوما فقط لحق بها فمات مبكراً، ودخل التاريخ وخرج من الدنيا بحسب ما جاء بالكتاب.