الارشيف / اخبار اليمن

البروفيسور العودي للأخوان المسلمين : ولدتم تابعين وشِبتم عاجزين #8236;

اخبار من اليمن ‫أولاً: خلفية عامة عن الحركة الإسلامية بشكل عام:‬ ‫لا شك بأن الحركة الإسلامية في اليمن وغير اليمن وعلى امتداد الوطن العربي والعالم الإسلامي قد صارت تحمل مشروعاً كبيراً وفاعلاً على الأرض، ولم يعد في مقدور أحد أن يجهله أو يتجاهله، غير أن تفاصيل تجارب هذا المشروع ونماذجه السياسية والفكرية وحتى الاقتصادية تتعدد وتتنوع بتعدد وتنوع ظروف الزمان والمكان، فهو في مصر "الفكرة الأصل والمنبع" على يد حسن البناء وسيد قطب هو غيره في إيران الثورة علي يد الخميني، غيره في ماليزيا الإنجاز الاقتصادي الاستثنائي على يد مهاتير محمد، غيره في تركيا أردغان التحول السياسي السلمي والاقتصادي الأكثر استثناءً وتقديراً، غيره كذلك في أقطار الوطن العربي غير مصر، حيث كانت وما تزال تحكمه نزوات العنف والتطرف السياسي والعقائدي، من سوريا الأسد الأب وحتى الابن شرقاً، إلى الجزائر غرباً، وحتى اليمن والسودان جنوباً، وصولاً إلى أفغانستان والشيشان شمالاً.‬ ‫وإذا كانت البداية الأولى للحركة في مصر تعود إلى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي وإلى ما بعد ذلك في أقطار إسلامية وعربية أخرى، فإن اليمن هي من أحدث إذا لم تكن هي من آخر مواقع المد السياسي للحركة الإسلامية مع بداية سبعينيات القرن الماضي كقوة سياسية منظمة وفاعلة على الأرض، بغض النظر عن البدايات النظرية والشخصية الأولى في الأربعينيات على يد الفضيل الورتلاني الداعية الجزائري المعروف ومن تأثر بعده من حركة الأحرار اليمنيين كالشهيد المرحوم محمد محمود الزبيري وغيره، رحمهم الله جميعاً، وهي لذلك بداية لاحقة لانطلاق تيار الحداثة الوطنية والقومية في اليمن التي بدأت في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات كعمل سياسي منظم وفاعل وبما يزيد عن عقدين من الزمن من بداية الحركة الإسلامية قبل وبعد الثورة.‬ ‫ثانياً: ما يميز الحركة الإسلامية في اليمن‬ ‫إذا كان لكل تجربة أو نموذج من نماذج الحركات الإسلامية ما يميزها في كل بلد عربي أو إسلامي على حدة، كما سبقت الإشارة، فإن ما يميز نموذج اليمن عن غيرها هو أمران هامان هما:‬ ‫ولادتها التابعة لبقايا القبيلة "المصطنعة" من جهة وعقد "زواج" التحالف المصطنع مع السلطة على طول الخط من جهة ثانية، والموضح كل ذلك في الآتي:‬ ‫(أ)- الولادة التابعة في حمى القبيلة المصطنعة‬ ‫لقد سبق وأن أوضحنا كيف أن مجتمع القبيلة من الناحية الاجتماعية هو مجرد مكون هامشي وثانوي في المجتمع اليمني قياسا بمتغير مجتمع الدولة الرئيسي والأصل الثابت عبر التاريخ، وكيف أن الدولة تتأثر بنظام القبيلة "جزراً" في ظروف الضعف والتخلف وتؤثر في القبيلة "مداً" في ظروف القوة والتطور، وكيف أن وضع القبيلة في ظل الثورة والجمهورية ومتغيرات الحداثة المتسارعة قد تأثر "جزراً" وتراجعاً أو تطوراً على الأصح في اتجاه مجتمع الدولة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية على الأقل، ولم يعد الترويج له أكثر من مجرد كلمة باطل يراد بها ما هو أبطل في إطار صراع المصالح السياسية، وتحت مظلة هذه القشة المتخلفة لبقايا القبيلة اختارت الحركة الإسلامية السياسية في اليمن أن تضع بيضتها الأولى خطأ وجهلاً، فلقد ولدت الحركة الإسلامية في سبعينيات القرن الماضي في اليمن تحت عباءة ما تبقى من وعي القبيلة المصطنعة لآل الأحمر في حاشد، والتي تبنتها كابن غير شرعي لها، وهي قد قبلت بها كأم غير شرعية كذلك، لأن هذا التبني هو ما يتنافى مع أبسط بديهيات الفكر السياسي الإسلامي في الوطن العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص، ناهيك عن تنافيها مع جوهر الدين الإسلامي الحنيف نفسه، والذي لم يكن قط في يوم من الأيام ديناً للقبيلة والعصبية وهي حامية له، بل ديناً للأمة ونفي للقبلية والعصبية، ولذلك فإنه إذا كان تيار الحداثة القومية والوطنية والتقدمية في اليمن قد بدأ مع نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات والستينيات رائداً للتغيير ومستقلاً بنفسه عن العصبية القبلية وكل مخلفات الماضي الإمامي والرجعي، ولم يسلم زمام أمره إليها مختاراً وبوعي منه أو بدونه إلا ابتداءً من 5 نوفمبر 1967م في شمال الوطن و13 يناير 1986م في جنوبه كما سبق وأن أوضحنا، فإن الحركة الإسلامية اليمنية بخلاف ذلك قد ولدت محنطة في تابوت بقايا القبيلة، ولم تشتم يوماً رائحة الحرية والاستقلال الذي لا يؤكده الإسلام كحق بعيدا عن العصبية والقبلية فحسب بل ويوجبه كدين كما يوجب الخلاص من العصبية والقبلية كنزعة جاهلية، وذلك هو الخطأ المميت الذي ارتكبته بداية الحركة الإسلامية في اليمن ولم ترتكبه أي حركة إسلامية أخرى داخل أو خارج الوطن العربي.‬ ‫(ب)- ارتباطها مع السلطة ورفضها للوحدة‬ ‫أما الأمر الثاني الذي يميز الحركة الإسلامية في اليمن دون غيرها فهو إبرام عقد تحالف نفعي مع السلطة المركبة من رموز بقايا القبيلة وعسكرها الجدد مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وعهد علي عبدالله صالح تحديداً، يحدو الجميع هدف واحد هو الإجهاز على كيان الحداثة القومية والوطنية والتقدمية في جنوب الوطن وما تبقى منه في شماله تحت شعارها الشهير في تلك المرحلة القائل (ما لماركس إلا محمد) وما لم ينجح العنف الأهلي والرسمي بين النظامين الشطريين وقتها في تحقيقه بحسب الشعار السابق على مدى ربع قرن من الصراعات الأيديولوجية والعسكرية قبل الوحدة يمكن العمل على تحقيقه تحت شعار ومظلة الوحدة وشرعيتها المزعومة بعد عام 1994م، وذلك هو ما كان، حيث لعبت الحركة الإسلامية دور الرافض والمحرض ضد الوحدة قبل قيامها والحرب ضدها بعد قيامها، فقد كانت هي رأس الحربة المتقدمة وعامل الحسم في كل المواقف السياسية والعسكرية لصالح سلطة بقايا القبيلة وعسكرها تحريضاً وتكفيراً وإفتاءً وعنفاً مباشراً في حرب 94م وما قبلها بل وما بعدها بقليل، ظناً منها ووهماً أو غباءً سياسياً على الأصح أنها ستكون صاحبة نصيب الأسد في جني الثمرة، إذا لم يكن ابن آوى (أي النظام وعلي عبدالله صالح نفسه) هو وجبتها التالية، إلا أنها ما كادت تشتم رائحة وهمها بعد سقوط الثور الأبيض حتى وجدت رقبة ثورها الأسود تحت أنياب أسد الغابة الأحمر وليس ابن آوى الذي ظنه الجميع حملاً وديعاً وفريسة سهلة، واستطاعت سلطة بقايا القبيلة وعسكرها أن تسقي الحركة الإسلامية بعد مايو عام 1997م من نفس الكأس الذي سقت منه الحركة القومية البعثية بعد نوفمبر 1967م، ونفس الكأس الذي سقت منه حركة الحمدي في 1977م بعد ثلاث سنوات من عمرها، وحركة الناصريين في 15 أكتوبر 1978م في مهدها، وإن اختلفت مركبات الكؤوس ومذاقاتها المميتة فوراً أو ببطء نسبي، ولم تستطع الحركة الإسلامية اليمنية أن تدرك –جهلاً أو تجاهلاً منها– أن الاشتراكيين والقوميين هم من أوصلوها في عام 1990م "يوم الوحدة" إلى مجلس الرئاسة وأن قبولها بالتضحية بهم في 1994م هو الذي انتهى بكبيرها في مجلس الرئاسة إلى قائمة المطلوبين في الإرهاب العالمي حتى اليوم، والتسريح لصغارها بغير إحسان من السلطة بعد عام 1997م.‬ ‫وما إن وطأت أقدام المسرحين الإسلاميين رصيف الانتظار خارج السلطة حتى وجدوا ضحيتهم السابقة في الانتظار من بقايا الاشتراكيين وبعض القوميين، تماماً كما وجد البعثيون والحركيون أنفسهم بعد 5 نوفمبر 1967، ووجدت الزمرة والطغمة أنفسهم بعد 1994م، وجدوا أنفسهم جميعا خارج لعبة السلطة ومغانمها بفعل ما صنعته أيديهم جميعا ببعضهم، ولم يجد أي من الجميع عزاءً لنفسه إلا بالقرب من الآخر، وهكذا التم المتاعيس على خائبي الرجاء في مشترك المعارضة الذي اختط فكرته المناضل الكبير الشهيد جارالله عمر الذي كوفئ بجزاء سنمار من قبلهم، وطبقاً للحكمة القائلة "مكره أخوك لا بطل".‬ ‫فإلى متى ستظل تجمع الناس المصائب الكبيرة وتمزقهم المصالح الضيقة؟‬ ‫المهم هل قد فهم الدرس جيداً وحكمته القائلة (من حفر لأخيه حفرة أوقعه الله فيها) وصرنا مستعدين بحق لفهم الدروس الآتية المستمدة حكمتها من كتاب الله القائل:(وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم، ونجعل من مشترك "التكتكة الانتهازية مشتركاً حقيقياً للإسلام الثورة والهوية الأمة والقومية والحداثة المدنية المنشودة"!! خصوصا وأننا على أبواب مرحلة تاريخية جديدة وحاسمة من ثورة الربيع العربي، وإذا كان العاقل هو من يتعظ بغيره والجاهل لا يتعظ إلا بنفسه فها قد جهلنا وتجاهلنا كثيرا ودفعنا الثمن غاليا، فما آن لنا أن نتعظ بأنفسنا على الأقل لأن "الجايات أكثر من الرايحات".‬ ‫ثالثاً: القواسم المشتركة بين الحركات الإسلامية في اليمن وغير اليمن‬ ‫إذا كان ما يميز الحركة الإسلامية في اليمن دون غيرها أو أكثر من غيرها هو ميلادها في أحضان بقايا القبيلة المصطنعة وعقد "زواجها الكاثوليكي" مع السلطة من سبعينيات القرن الماضي وحتى انفراط هذا العقد على مذهب "أهل المتعة" في أواخر العقد الأول من القرن الحالي على نحو ما سبق، فإن الأكثر من ذلك هو ما تشترك فيه مع غيرها من امتداداتها وأصولها خارج وداخل الوطن العربي، وفي مرحلة التأسيس من سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم، على الأقل في أمور كثيرة أهمها:‬ ‫(أ)- رفض الحداثة والآخر‬ ‫فالحركة الإسلامية في اليمن وغير اليمن وفي منطلقاتها الأولى على الأقل قد كانت ولم تزل ترفض الحداثة بكل متغيراتها العلمية والاجتماعية العظيمة والتي لا تقهر، واستحضار كل ما هو سلبي ومفتعل أكثر مما هو إيجابي وأصيل في الماضي، والإصرار على تركيبه فوق الحاضر والمستقبل، وإلغاء حق الآخر وعدم القبول به أو التعايش معه، والعداء المستحكم لمفهوم الأمة والقومية العربية ومشروعها الوحدوي والتحرري، بدءاً بمقولة أن الحداثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، مروراً بالإصرار على أن المرأة ناقصة عقل ودين وميراث، وأن ما خلقت لأجله لا يتجاوز أمورا ثلاثة: البقاء حيث ولدت في بيت أهلها، والخروج الأول إلى بيت زوجها، ثم الخروج الثاني والأخير إلى قبرها، وانتهاءً بالدعاء المتواتر على الآخر وكل من يختلف معهم في الرأي أو الدين حتى مع بعضهم في خطب الجمعة ودعاء الجماعة وغيرها (اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا)، وعلى غرار ما أثقلت به مسامع الناس من غثاء خطب الساحة والميدان وبيانات وفتاوى جمعية السلطة وهيئة الإخوان. ‬ ‫(ب)- تطور في الشكل أكثر من المضمون‬ ‫صحيح أن خطاب الإسلام السياسي المؤسس والمشوه هذا في اليمن وغير اليمن في سبعينيات القرن الماضي وبقاياه حتى اليوم والذي هو في الأصل دسيسة استعمارية وصهيونية ورجعية قبلية وإقطاعية متخلفة قديمة جديدة لشق العصا وإقامة القطيعة والكراهية بين ما هو ديني وما هو قومي من جهة، بل وما هو ديني وديني وإنساني من جهة ثانية خدمة لمصالحهم، قد تطور إلى الأفضل من حيث الشكل على الأقل، أما التطور الإيجابي الأكثر شكلاً ومضموناً نحو الأفضل وإلى حد كبير مع نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة فهو ما جرى ويجري مما سبقت إليه الإشارة من طراز إسلام مهاتير محمد في ماليزيا، وحزب العدالة والتنمية في تركيا، والإخوان المسلمين المنبع الأصل في مصر، وكما في الحركة الإسلامية المستنيرة في اليمن أيضاً، والتي انتقلت من الإفتاء بزندقة وكفر الاشتراكي القومي التقدمي في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم وكل من يخالفهم الرأي فرداً كان أم جماعة ومحاكمته بالتعاون مع عسكر القبيلة، إلى القبول به والتحالف السياسي معه داخل وخارج السلطة من منظور تكتيكي على الأقل، وأول الغيث قطرة ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة إذا ما صدقت النوايا في فهم الإسلام الحقيقي كثورة والقومية والأمة كهوية في مواجهة القوى الاستعمارية والرجعية القديمة الجديدة في اليمن وغير اليمن.‬ ‫(جـ)- ما أصلحه التطور الإيجابي أفسده الموروث السلبي‬ ‫غير أن هذا التطور الإيجابي الهام قد انبثق عنه وتولد من رحمه الأصل ما هو الأسوأ فيه وما أصبح عبئاً عليه وعلى غيره، من نزعات العنف والتكفير لغلاة السلفية والجهادية والإرهابية من طراز بن لادن وطالبان والقاعدة، في أكثر من مكان من العالم، ودون أن يتقدم أي من أطراف الحركة الإسلامية المستنيرة في اليمن أو غير اليمن بموقف واضح لإدانة مثل هذا التطرف والإرهاب باسم الدين إلا على استحياء علناً ودعم وتعاطف سراً، بل إن مفهوم الديمقراطية والدولة المدنية ما تزال محل شبهة إن لم تكن من عمل الشيطان الأكبر في الغرب، حتى بالنسبة لبعض كبار قادة الحركة الإسلامية الأكثر استنارة وعقلانية، كما تدعي لنفسها في اليمن حتى اليوم، حيث ترى في هدف الدولة المدنية في ثورة الشباب وجائزة نوبل لتوكل كرمان شبهة وتجاوزاً للخطوط الحمراء في العقل الباطن لظلامية الإسلام السياسي الذي يحاول الفكاك منه دون جدوى حتى الآن، وعلى كل الخيرين المستنيرين في الحركة الإسلامية في اليمن، وهم الأغلب وفي مقدمتهم الشباب، أن يصبروا ويصابروا ويجدوا في الخروج من هذه الشرنقة الضيقة إلى رحاب الإسلام الثورة والأمة الهوية والإنسانية المشترك بين كل البشر.

يمكن عرض تفاصيل الخبر بالكامل من مصدره الرئيسي اليمن السعيد
البروفيسور العودي للأخوان المسلمين : ولدتم تابعين وشِبتم عاجزين #8236; ، هذا الخبر قدمناه لكم عبر موقعنا.
وقد تم استيراد هذا الخبر البروفيسور العودي للأخوان المسلمين : ولدتم تابعين وشِبتم عاجزين #8236;، من مصدره الاساسي موقع اليمن السعيد.
ولا نتحمل في موقع من اليمن اي مسؤولية عن محتوى البروفيسور العودي للأخوان المسلمين : ولدتم تابعين وشِبتم عاجزين #8236;.