الارشيف / اخبار العرب والعالم

​ورقة بحثية للتويجري حول المؤسسات الثقافية ودورها في بناء الشخصية في مؤتمر بالقاهرة

الأحد 14 جمادى الأولى 1440 - 13:42 بتوقيت مكة المكرمة الموافق 20-1-2019

القاهرة (يونا) - يشارك المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو- الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، ببحث في الدورة التاسعة والعشرين للمؤتمر العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الذي تنظمه وزارة الأوقاف المصرية في القاهرة، وافتتحت أعماله أمس ويستمر يومين.
ويتناول بحث المدير العام للإيسيسكو موضوع (المؤسسات الثقافية ودورها في بناء الشخصية) الذي أوضح في مقدمته، أن بناء الشخصية عمليةً مركبةً متداخلة مندمجة في مجالات عدة، ذات محاور مختلفة، وتقتضي اجتياز مراحل متعاقبة لا يمكن تخطّيها في قفزة واحدة، موضحاً أن البناء لابـد أن يقوم على أسس ثابتة تُراعَى فيها الشروط اللازمة للسلامة والمتانة والصحة، ولا يتم البناء دفعةً واحدةً في طفرة عشوائية، وإنما يقوم البناء على القواعد التي تُعدُّ إعداداً جيّداً ومناسباً، مشيراً إلى أن هذه الشروط إذا كانت هي مستلزمات للبناء الطبيعي، فإن المكوّنات الرئيسة لبناء الإنسان من النواحي كافة، التي تتكوّن منها شخصيتُه، لابد أن تكون أصلب عوداً، وأقوى تماسكاً، وأشدّ تأثيراً في نموّ الشخص المستهدف، لأن الشخصية، في المفهوم العام، هي حاصلُ جمعِ كلّ الاستعدادات، والميول، والغرائز، والدوافع، والقوى البيولوجية الموروثة، وكذلك الصفات والميول المكتسبة.
وأوضح التويجري، أن من المنظور الإسلامي لابد أن تُضاف إلى هذه المواصفات والاستعدادات التي هي مكوّنات الشخصية، القيمُ الدينية، والمنظومة الأخلاقية، وأنماط السلوك التي لا تحيد عن هذه المقوّمات والثوابت جميعاً، باعتبار أن الشخصية السوية المبنية على أساس سليم، لا تستقيم إلاَّ بصحيح الدين، ولا تنضج إلاَّ بالتديّن المعتدل، ولا تتقوَّى وتمتلك المناعة إلاَّ بمكارم الأخلاق البانية للعقل، وللجسم، وللوجدان، وللضمير، وللإحساس الداخلي بالمسؤولية تجاه الذات، وحيال المجتمع، وإزاء الإنسانية جمعاء.
وأشار البحث إلى أن بناء هذه الشخصية المنسجمة مع محيطها، المعتدلة في تكوينها، السوّية في طبيعتها، إذا كان يقوم على أساس التربية والتعليم، فإنَّ للثقافة دوراً بالغ التأثير في صياغة هذه الشخصية وفقاً للقيم المثلى، والمبادئ السامية، والأهداف الإنسانية النبيلة. فبقدر ما تكون المسالك إلى الثقافة ممهدة، والمسارات نحو تحصيلها معبّدة، وتكون الوسائل لاكتسابها ميسرة، والإمكانات للحصول عليها متاحة، تكتسب الثقافة، بمفهومها العام ومدلولها الواسع، الأهميةَ البالغةَ باعتبارها من الركائز القوية التي تنبني عليها الشخصية. لافـتـاً إلى أن توفير الظروف المناسبة لاكتساب القيم الثقافية، وللاستـفادة منها والانتفاع بها والاغتراف من منابعها في مراحل التنشئة والتكوين الأولى، ثم صعوداً إلى جميع المراحل التعليمية، وتمشّياً مع مختلف الفترات العمرية، من شأنه أن يكون له التأثيرُ النافذُ والقويُّ على شخصية الفرد من النواحي كافة، وعلى طبيعة المجتمع، بصورة عامة.
وأشار إلى أن الأدوار التي تقوم بها المؤسسات الثقافية قد يكون فيها ما يقترب، في بعض مناحيه، من المهام التي تنهض بها المؤسسات التعليمية بصورة عامة، بحكم أن الرسالة الثقافية، في عمقها وجوهرها وفي أبعادها التربوية، هي التي تجمع بين المؤسسات جميعاً، فالمدارس والمعاهد والجامعات تخدم الأهداف الثقافية العامة، بقدر ما تعمل لتحقيق الأهداف التعليمية والتربوية والأخلاقية والتكوينية والعلمية والتِقانية، على اعتبار أن القواسم المشتركة الجامعة بين هذه المؤسسات، تصبُّ في نهاية المطاف، في بناء الشخصية المتكاملة الجامعة لعناصر التكوين، والسوّية في توجّهاتها وميولها، وفي نظرتها إلى الحياة، وفي تعاملها مع مجتمعها ومع المحيط الإنساني الواسع.
وأكد أن قوام الشخصية السوّية هو الاستقرار، والتوازن، والسكينة، والاعتدال، والوسطية في المعتقدات والعبادات وأنماط السلوك، والمناعة ضد المؤثرات السلبية الخارجية، والقدرة على التجاوب مع المستجدات مع الفهم السليم للدواعي وللأسباب، فبذلك تنجو الشخصية من أعراض الضعف والهشاشة والهزال، مثل الاهتزاز عند الصدمات، والانهيار حين مواجهة الأزمات، والاندفاع في الأحوال التي تتطلب الرزانة، والتأنّي، والتريث، وإعمال الفكر قبل اتخاذ القرار، واعتماد الرؤية العلمية إلى الأشخاص والأشياء والأحداث والمتغيّرات، لتجاوز الحالات الارتجالية، ولتجنّب السقوط في المزالق، وللتغلّب على الصعوبات التي تعتـرض طريق المرء نحو القصد النبيل والشريف الذي يسعى إليه. فالثقافة إذن، وبهذه المعاني العميقة، وسيلةٌ من إحدى الوسائل الفعالة لبناء الشخصية بالمواصفات التي استعرضنا بعضاً منها.
وأشار التويجري إلى أن المؤسسات الثقافية بجميع تصنيفاتها ودرجاتها ومستوياتها، تساهم في الحفاظ على أمن المجتمع، وفي صدّ المخاطر عنه، وفي تقـوية المناعة الذاتية والموضوعية لأفراد المجتمع على وجه الإجمال. وهو ما يعمّق ويؤصّل مفهومَ المواطنة التي صارت اليومَ من المفاهيم الحديثة لعلم الاجتماع السياسي المعاصر.
وخـلـص الدكتور عبد العزيز التويجري في بحثه إلى القول: إن المؤسسات الثقافية التي تتبنَّى الثقافة البانية ذات الأهداف الإنسانية الراقية، تبني الشخصية التي تتمتع باستقلال الإرادة وباستقلال الرأي والفكر، وتمتلك القدرة على اتخاذ المبادرة لتغيير ما بنفسها من نقصٍ وعجزٍ، حتى يتغيّر المجتمع ويتقدم ويزدهر ويستقر.
((انتهى))
ح ع/ ح ص

يمكن عرض تفاصيل الخبر بالكامل من مصدره الرئيسي IINA
​ورقة بحثية للتويجري حول المؤسسات الثقافية ودورها في بناء الشخصية في مؤتمر بالقاهرة ، هذا الخبر قدمناه لكم عبر موقعنا.
وقد تم استيراد هذا الخبر ​ورقة بحثية للتويجري حول المؤسسات الثقافية ودورها في بناء الشخصية في مؤتمر بالقاهرة، من مصدره الاساسي موقع IINA.
ولا نتحمل في موقع من اليمن اي مسؤولية عن محتوى ​ورقة بحثية للتويجري حول المؤسسات الثقافية ودورها في بناء الشخصية في مؤتمر بالقاهرة.