المؤتمر الجامع: مآلات التجربة خيارات صعبة تهدد حضرموت

اخبار من اليمن تبتعد محافظة حضرموت افتراضيا عن دائرة الحرب، لكن رياحها مازالت تجتاحها من أكثر من محور فارضة خيارات قد يبدو أخطرها إمكانية فصلها إلى محافظتين، ترجمة لمخطط قديم تم تجميده بسلخها جغرافيا بين الساحل والوادي.
وبين رحى الحرب والتقسيم والإرهاب، يتوجس أبناء المحافظة خشية نسف وجودهم والعبث في أمنهم، ويتلفت بعضهم يمنة ويسرة في رحلة البحث عن مشروع سياسي يشكل رافعة تسندهم.
قلة هم من ما زالوا يراهنون على مؤتمر حضرموت الجامع، عله يرسم خارطة الطريق التي تحفظ لحضرموت وحدتها، لكن هناك من يحمل المؤتمر مسؤولية إضعاف المحافظة، وزرع بذور الخلاف بين أبنائها، وتقديمها قرباناً لمشروع التقسيم، مخالفاً شعاراته الكبرى ومن بينها (حماية المحافظة أولاً).
الدكتور سعيد الجريري، رأى أن أي حديث عن (الانتقادات) لمؤتمر حضرموت الجامع، لا بد أن ينطوي أولاً على سؤال حول “ما لذي أنجزه المؤتمر منذ انعقاده؟”.
يقول الجريري لـ”اليمن العربي”، إن: “الانتقاد يوجه لمن يعمل، المؤتمر اكتسب به عمرو بن حبريش (وكيل المحافظة)، شرعية شعبية ما، أضافها إلى ماسبق في حلف قبائل حضرموت، وتوليه منصبا حكوميا، لا يمكن الجمع بينه وبين أي صفة شعبية! كأن هناك من يريد رهن قرار حضرموت من خلال المؤتمر”.
ويوضح أكثر: “مما لا يُفهم أن حضرموت تعيد إنتاج القيادة على أسس قبلية تجاوزها الزمن، بينما تضع الكفاءات الإدارية والعلمية في خدمة ذلك الاتجاه”.
التغير الطارئ في ديناميكة صناعة القيادة في حضرموت، بناء على توصيف الجريري، يأتي “على عكس ما كان يحدث قبل أكثر من نصف قرن، حيث كانت الاتجاهات الفكرية هي التي تحدد معالم المسار”.
ويكمل بقوله “هذا الاتجاه عقيم، ولا صلة له بصناعة المستقبل والقيم المدنية سياسيا وثقافيا واجتماعيا”. محذراً من أن استمراره قد “ينتج طفيليات اجتماعية ذات مصالح ريعية، لا تشبه حضرموت ذات السمات المدنية”.
لكن عضو هيئة رئاسة مؤتمر حضرموت الجامع، حسين غداف، يرى أن المؤتمر: “جعل حضرموت رقما لا يمكن استثنائه أو تجاوزه في أي معادلة أو تسوية قادمة في اليمن”، معتبراً أن: “المؤتمر منذ تأسسيه في 24 أبريل 2017 جمع كل الحضارم على مختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والاجتماعية على أهداف تلامس تطلعاتهم”.
وتابع “المؤتمر جاء ككيان مجتمعي قوي ومتماسك، دعا له حلف قبائل حضرموت، ليعلي صوت حضرموت، ويطالب بتمكينها من كل حقوقها وهذا ما جسدته وثيقة مخرجاته المتوافق عليها من مختلف المكونات القبلية والمدنية، بوصفه أصبح مظلة لكل الحضارم في الداخل والخارج”.
ونفى غداف، اتهامات حكر المؤتمر مشاركاته الخارجية على فريق معين، قائلاً بإن هذه المشاركات تعد:”نجاح يضاف لنجاحات المؤتمر أسوة بكل القوى الفاعلة في اليمن”.
وأوضح “هناك هيئات مختصة في المؤتمر معينة في استلام دعوات المشاركات وترشيح من تراه مناسبا في هكذا تمثيل وبحسب الكفاءة والقدرة في إيصال صوت حضرموت، وبما جاء في مخرجات المؤتمرالتي اتفق عليها جل الحضارم”.
ويبدو من حديث عضو رئاسة “الجامع” بأنه من أشد المتفائلين بمستقبل حضرموت، إذ يرى أن “كل ما نسمعه الآن من تقسيم حضرموت وغيره عبارة عن خزعبلات لا ترتق بالرد عليها”.
وهو يربط فكرته بجذور التاريخ والجغرافيا قائلاً: “أرض حضرموت واحدة لا يمكن أن تقسم وكل حضرمي سواء كان بالساحل أم بالهضبة أو الوادي يعتبر الأصوات التي تنادي بالتقسيم هي أصوات نشاز تغرد خارج السرب”.
“كان يفترض أن يكون جامعاً ولكن للأسف!” بهذه العبارة استهل الشاب الحضرمي جمال بن غانم، إجابته على أسئلة “اليمن العربي”.
وقال بن غانم “في مرحلة كهذه لا اعتقد أن الحديث عن مكون جامع سيكون مجد”، موضحاً “هناك أكثر من مشروع سياسي على الساحة وبعض المشاريع لا تلتقي مع الأخرى، ولكل مشروع أنصار من الحضارم وهذا شي طبيعي وبديهي”.
يصمت بن غانم لبرهة، يتذكر خلالها الأميال التي قطعها من كندا إلى المكلا لحضور فعاليات مؤتمر حضرموت الجامع، قبل أن يبرز بصوته منتقداً المؤتمر بعد إعلان وثيقته، ويكمل قائلاً “الحديث عن مكون يجمع كل هؤلاء (الحضارم) تحت إطار واحد ومشروع واحد، اعتقد أنه غير ممكن، وإذا حدث وحصل فأنه سيكون شكلي وسينتهي مع أول منعطف يتعرض له”.
يبدو المنعطف الذي يتحدث عنه بن غانم، مقروناً بتحذيرات أطلقها كثر من قبل، من بينهم الدكتور سعيد الجريري، ويوضح بأن “أهم قيادات المؤتمر الجامع هم قيادات في الدولة نفسها ولذلك من يطالب من؟”، ويؤكد “كان الأحرى أن يظل الجامع مكون مجتمعي سياسي حقوقي، بعيداً عن أي تاثير حكومي”.
وأضاف: “نحن نريد مكون يمثل غالبية الحضارم ولا يقصي الآخرين أو يخونهم، وكذلك الإدراك الجيد بأن إنشاء مكون أو إخراج وثيقة حقوق ومطالب ليس هو الهدف، وإنما الهدف إيجاد مكون يتصدر المشهد، ويعمل بكل جهد على تحقيق المطالب المتفق عليها”.
وختم بقوله “الجامع، خرج بمجموعة من المطالب يتفق عليها غالبية الحضارم، واعتقد القائمين عليهم أن دورهم قد انتهى، ولم يفكروا في كيفية تحقيق هذه المطالب على أرض الواقع”.
المقدم علي بافقاس، اعتبر أن “إشكالية الجامع في تحضيراته حيث أسس بناءة على أخطاء في الدعوة التي دعا إليها الحلف، هروبا من استحقاقات مرحلية في بناء حلف قبائل حضرموت، الحامل الحقيقي والمرتكز الأساس في هيئات الجامع”.
ويوضح “استثني المكون القبلي وهمش ما انعكس إلى انسحاب أغلب القبائل الفاعلة بالساحل، وانسحاب كامل لقبائل الوادي، ليبقى عمرو، وقليل من المتمصلحين القبليين، الذين لا يشكلون أي ثقل في النسيج الحضرمي”.
وأضاف: “أصبح عمرو، يتربع على هذه الفسيفساء أو الخلطة العجيبة، مستغلا عدم وجود معارضة حقيقية بعد انزواء تيار التصحيح، تاركا له الحبل على الغارب، وليسمح له بأن يتعامل على أساس أنه القائد الحضرمي بدون منازع، ما يعني سلب حضرموت إرادتها و قرارها، في ظل عدم كفاءته الإدارية والتنظيمية، وفشله في إدارة الحلف، والجامع الذي هو صنيعة المحافظ السابق احمد بن بريك”.
وأكمل: “بن بريك أراد الجامع رسالة ومطية، ولم يحسب حساب لمن سيستفيد منه، وهذا ما يفسر خيبة أمله في تغريداته وتصريحاته ضد الجامع، في خلاف برز مبكراً أثر تسريبات صحفية مدروسة تفضح هشاشة الجامع وتكويناتة المتناقضة بينها البين”.
رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر الجنوبي الأول للحراك السلمي عبدالمجيد وحدين، تحدث في اجتماع الحراك ( مؤتمر القاهرة ) بغيل باوزير، عن “الجامع”، مؤكداً أنه “كانت لدينا ملاحظات لتصحيح وضع الجامع لاستيعاب الكل في الداخل والخارج، وقف البعض ضدها حينها، لكن الكثير منهم أدرك صحتها لاحقاً”.
وأضاف: “لمسنا تجاوب لتصحيح الوضع، لكن بعض القيادات التي بيدها القرار ليست مع لم الشمل”.
وختم: “كانت الناس تتوقع من الجامع، أن يهتم بحقوق حضرموت ودورها في الوضع القائم و القادم، وهذا لا يمكن أن يتم ما لم تكون هناك آلية سليمة”.