مركز أمريكي: نهج ترامب في اليمن لن ينجح مع الحوثيين والسعودية.

هناك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل السلام في اليمن يبدو بعيد المنال، وهي تشرذم المعسكر المناهض للحوثيين، واختلال ميزان القوى لصالح الحوثيين، ورؤى متضاربة لمستقبل اليمن. فشل دمج جميع الفصائل في الحكومة المعترف بها دوليًا في حل التناقضات الداخلية والتنافسات الشخصية والهويات الإقليمية المتنافسة، وتعمّق هذه الانقسامات التنافسات الخارجية، خاصة التنافس بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مما شلّ قدرة الحكومة على العمل بفعالية.
وأعلنت الإدارة الأمريكية صراحةً أنها غير مهتمة بالتورط في حرب اليمن، وقد تجلى ذلك في تعليق المساعدات الإنسانية خلال فترة قصف دامت قرابة سبعة أسابيع في اليمن. بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وبعد سبع سنوات من التدخل العسكري، أصبح من الواضح أن الحرب أصبحت مستنقعًا لا يمكن كسبه، مستنزفةً موارد المملكة المالية وأضرت بسمعتها الدولية.
وخلال زيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، غاب اليمن بشكل ملحوظ عن جدول الأعمال، حتى أن طلب رئيس المجلس الرئاسي اليمني للقاء ترامب خلال زيارته للمملكة العربية السعودية قوبل بالتجاهل. يبدو أن اليمن يُنظر إليه على أنه عبء بلا عوائد ملموسة، مما يجعل من الأفضل تجنبه. ونتيجة لذلك، تبدو أي مبادرة سلام مقترحة أقرب إلى استراتيجية احتواء لا حل، تهدف إلى حصر الصراع في نطاق محلي لمنع تداعيات إقليمية أوسع، حتى لو كان الحل جزئيًا وقصير النظر.
ويرى المركز الدولي لمبادرات الحوار أن نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اليمن لن ينجح في ظل العلاقة السعودية والحوثيين، لأن طبيعة الصراع وجذوره أكثر تعقيدًا بكثير في هذه الحالة. وأضاف أن الحصرية ربما نجحت في اتفاق ترامب-الحوثيين، نظرًا لأن الولايات المتحدة كان لها هدف وحيد يتمثل في وقف هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر، إلا أن هذا النهج نفسه غير مناسب للعلاقة الحوثية-السعودية.
ويحتاج اليمن حقًا إلى استراتيجية سياسية واقتصادية شاملة قادرة على تحقيق نتائج بناءة ودائمة. وأكد أن ذلك سيتطلب جهودًا مستدامة وطويلة الأجل قائمة على التخطيط الاستراتيجي لا التكتيكي. وإلا، فإن الاعتماد المستمر على السياسات الانفعالية لن يحل الأزمة، وحتى لو نجحت مثل هذه الأساليب في احتواء بعض آثارها المباشرة، فإنها سوف تفشل في نهاية المطاف مع تفاقم الأزمة بمرور الوقت.
وأشار إلى أن البنية السياسية والإقليمية لليمن تشهد خلافًا كبيرًا، حيث يرى البعض أنها يجب أن تكون موحدة، بينما يرى آخرون أنها يجب أن تكون اتحادية أو حتى مقسمة. وبالمثل، هناك خلاف حول النظام السياسي نفسه، حيث يدعو البعض إلى نموذج جمهوري، بينما يميل آخرون إلى نظام أكثر ثيوقراطية.
ولفت إلى أن الحوثيين، وهم جماعة أيديولوجية منغلقة على هوياتها، بدأوا ببناء دولة تتماشى مع عقيدتهم، وهذا ما يجعلهم غير راغبين في تقاسم السلطة أو التسوية مع الفصائل اليمنية الأخرى.
وأكد أن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية شكّلت عنصرًا رئيسيًا آخر في خارطة الطريق غير عملي، وتعكس هذه التطورات ميلًا متزايدًا لتهميش الصراع اليمني المستعصي من خلال معالجة تداعياته الأمنية المباشرة فقط، مع ترك أسبابه الجذرية دون معالجة.