اخبار اليمن

الحوثيون يتريثون: هل يتصرفون كذراع إيرانية أم وفق مصالحهم الخاصة؟

شنت إسرائيل هجومًا جويًا غير مسبوق على العمق الإيراني فجر الجمعة 12 يونيو 2025، مستهدفة رموزًا عسكرية بارزة، من رئيس أركان الجيش وقادة في الحرس الثوري والقوة الجوية، إلى علماء ومراكز تابعة للبرنامجين الصاروخي والعسكري.

الهجوم لم يكن مجرد عملية ردع أو استعراض قوة، بل رسالة استراتيجية محسوبة بدقة مفادها أن المشكلة في الرأس، لا في الأذرع. واختارت إسرائيل أن توجه ضربتها إلى طهران مباشرة.

وفي ضوء هذه المواجهة، تبرز ملاحظة لافتة تتعلق بجماعة الحوثي، التي وُصفت بأنها إحدى أذرع المحور الإيراني. غير أن رد فعل الجماعة لم يأتِ بالشكل المتوقع، حيث يظهر توجه واضح نحو التهدئة والترقب وترك مسافة محسوبة بين ما يجري من حرب وبين ما قد يحدث لاحقًا.

هذا النمط من التعاطي لا يقتصر على الحوثيين فقط، بل يشمل أيضًا بقية أطراف المحور الإيراني. يبدو أن الحذر في الحالة الحوثية أكثر وضوحًا وتنظيمًا، وربما أكثر ارتباطًا بحسابات دقيقة تتجاوز الاندفاع أو الانجرار خلف ردود الفعل.

وقد بدأ هذا المسار منذ دخلت الجماعة في تفاهمات مع واشنطن، بوساطة عمانية، أفضت إلى اتفاق أمريكي حوثي لوقف استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر. يبدو أن الجماعة تعيد تموضعها بهدوء، وتراجع حساباتها بعيدًا عن الانفعالات الآنية.

حتى الآن، اختارت الجماعة طريق الانضباط، وهو ليس صمتًا سلبيًا، بل قراءة مدركة لميزان القوة. يبدو أن الحوثيين فهموا أن رفع سقف الخطاب والقوة قد يستدعي ردودًا تتجاوز القدرة على الاحتمال.

المواجهة الأخيرة توحي بأن الحوثيين باتوا أكثر ميلاً لتقدير موقفهم بناءً على حسابات تخص الداخل اليمني والإقليم المحيط. قد تكون الضربة عمّقت هذا الميل، إذ أظهرت أن مركز القرار ذاته لم يعد في مأمن، وأن الأذرع قد تُستهدف لاحقًا.

لا تبدو الجماعة في وارد التصعيد على الجبهة الداخلية، والقوى المناوئة لها قد ترى في هذا الحذر فرصة لمحاولة كسر حالة الجمود. ورغم ذلك، فإن أي تطور إقليمي كبير قد يفتح كوة جديدة لتحولات داخلية غير متوقعة.

يحتفظ الحوثيون بخطاب داعم لغزة، ويوجهون ضربات عسكرية ضد إسرائيل، لكنهم يتحاشون المساس بالمصالح الأميركية أو تخطي الخطوط التي تم الاتفاق عليها في مسقط. هم أقرب إلى حالة “الهدوء الاستراتيجي”، الذي يسمح بمناورة محسوبة دون فقدان المكتسبات.

في النهاية، الضربة الإسرائيلية لطهران لا تريد إضعاف إيران وحدها بل تريد إرسال رسالة إلى كل من يتكئ عليها: لا أحد في مأمن. والحوثيون، كغيرهم من حلفاء طهران، يقرؤون المشهد على ضوء هذه الرسالة، محاولين الموازنة بين البقاء في المحور وعدم الغرق معه إن بدأ في التصدع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى