الجاسوسة الإيرانية كاثرين طالتي: بين اختراق الأنظمة المغلقة وتأثيرها على الأمن القومي

مع تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب في الآونة الأخيرة، عادت إلى الواجهة واحدة من أخطر القصص الاستخباراتية الحديثة، بطلة هذه القصة الجاسوسية الإسرائيلية كانت امرأة استطاعت الوصول إلى قلب المؤسسة الدينية والأمنية الإيرانية، ومثّلت نموذجًا صارمًا لكيفية اختراق الأنظمة المغلقة باستخدام أساليب بسيطة ومتقنة.
دخلت إيران بجواز سفر ألماني، وقدّمت نفسها على أنها باحثة ألمانية مسلمة متزوجة من يمني، تبحث عن التعمق في المذهب الشيعي، لتبدأ واحدة من أخطر عمليات التجسس في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
استخدمت الجاسوسة الإسرائيلية أسلوب “زواج المتعة” – وهو الزواج المؤقت المسموح به دينيًا في إيران – كوسيلة للولوج إلى دوائر مغلقة، كان يستحيل الوصول إليها في الظروف الطبيعية. ومن خلال هذه العلاقة، كسبت ثقة رجال دين و نواب في البرلمان و شخصيات مقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي، دون أن يدركوا أنهم يكشفون أسرار دولة لجاسوسة محترفة.
فقد اقتصرت مهمتها على بناء علاقاتها السرية فقط، بل توسلت إلى مؤسسات إعلامية تابعة للحرس الثوري، مثل وكالة “تسنيم” شبه الرسمية، حيث عملت كصحفية ومحللة سياسية. كتبت مقالات وعلقت على السياسات الإيرانية بلسان المدافع، بينما كانت تسجل وتوثق معلومات شديدة الحساسية خلف الستار، أحد النواب، وفقًا للمصادر، كشف لها محتوى جلسة برلمانية مغلقة شديدة السرية.
وقد أدت المعلومات التي جمعتها الجاسوسة إلى توجيه ضربات نوعية داخل الأراضي الإيرانية، وربما لعبت دورًا في عمليات اغتيال أو تخريب حساسة، منها استهداف شخصيات فلسطينية بارزة داخل طهران، مثل العملية الغامضة التي أودت بحياة القيادي في حماس إسماعيل هنية.
في ضوء هذه الأحداث، طرحت تساؤلات حول مدى هشاشة منظومة الأمن والاستخبارات الداخلية أمام عمليات الاختراق الناعمة التي باتت تشكل تهديدًا متزايدًا ليس فقط لإيران، وإنما للعديد من الأنظمة حول العالم.
تؤكد هذه القصة على أن الحروب الحديثة لا تخاض فقط بالأسلحة، بل بالدهاء، والصبر وتكتيكات غير تقليدية تستهدف أضعف الحلقات الأمنية في أكثر الأنظمة صرامة.