توكل كرمان: السلام الحقيقي لا يقاس بغياب الحرب بل بكرامة الإنسان وزوال الظلم

أكدت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، أن معيار السلام الحقيقي لا يقاس بسكون المدافع، وإنما بمدى إعمال كرامة الإنسان.
وأوضحت كرمان، في كلمة ألقتها خلال مؤتمر “روتاري الدولي” المنعقد في كندا، أن السلام لا يتحقق بمجرد انتهاء العمليات العسكرية، بل يتطلب القضاء على أسباب الظلم والقهر والاستبداد المتجذرة.
وشددت على أن الاستقرار الذي يبنى على التمييز والفقر والاحتلال ليس سلاماً حقيقياً، بل هو مجرد واجهة خادعة. وأشارت إلى مفارقة يعيشها العالم، حيث تنعم بعض الدول بحالة “لا حرب” دون أن يعني ذلك تحقق سلام دائم.
كما أشارت إلى أن السلام المستدام لا يمكن أن يُفرض، بل يتطلب بناؤه على أركان راسخة من الحرية، وتحقيق العدالة الانتقالية، وتعزيز التنمية، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
وانتقدت صمت المجتمع الدولي تجاه ارتكاب الجرائم والتسويات التي تتم على حساب معاناة الضحايا، الأمر الذي يصب في صالح الأنظمة القمعية ويترك الشعوب لمواجهة مصيرهم بعزل.
وتحدثت عن تجارب النساء والأطفال في مناطق الصراعات، مؤكدة أن المرأة ليست مجرد ضحية، بل هي شريك أساسي في صناعة السلام، داعية إلى تمكينها سياسياً وإعطائها الأدوار القيادية في مسارات الحلول السلمية.
كما عبّرت عن قلقها حيال التراجع الملحوظ في مستويات الحريات، حتى في بعض الدول الغربية الديمقراطية، مؤكدة أن حرية الصحافة والتعبير تتعرض لهجمات ممنهجة وشرسة.
واعتبرت أن الصمت في أزمنة الحروب والظلم يُعد خيانة، وأن التقاعس هو شكل من أشكال التواطؤ.
وهاجمت كرمان الضعف الهيكلي في دور منظمة الأمم المتحدة وتقاعسها عن محاسبة المجرمين، مستشهدة بموقفها تجاه ميليشيا الحوثي التي وصفتها بـ”مجرمي حرب” ومع ذلك تتعامل معهم كطرف سياسي شرعي، وهو ما اعتبرته انحرافاً خطيراً عن المبادئ التي تأسست عليها المنظمة.
ودعت كرمان إلى إجراء إصلاح شامل لبنية الأمم المتحدة، بهدف تحويلها إلى مؤسسة قادرة على حماية السلم الدولي ومحاسبة كل من ينتهك هذا السلم، مؤكدة أن “السلام لا يُبنى على شعارات جوفاء، بل على إرادة صادقة ترفض الظلم بكل أشكاله”.