خبراء يطلقون مبادرة لإنقاذ “شجرة الغريب” اليمنية المعمرة من الانهيار

تزين شجرة الغريب اليمن بجمالها الفريد، وهي معلم طبيعي وثقافي يروي تاريخًا يمتد لأكثر من ألفي عام. تُعرف الشجرة علمياً باسم “أدانسونيا ديجيتاتا” وتنتمي لعائلة الباوباب، وتُعد من أقدم وأكبر الأشجار في شبه الجزيرة العربية. جذعها الرمادي الشبيه بجلد الفيل وأوراقها الكثيفة التي توفر ظلالاً وارفة تحتفي بضخامتها وقدمها.
شهدت شجرة الغريب، الواقعة في مديرية الشمايتين بتعز، حدثاً مقلقاً بتشققها وانشقاقها إلى نصفين في أبريل الماضي، مما كشف عن تجويف داخلي. يُعزى هذا الانشقاق، بحسب السلطات المحلية، إلى إهمال متعمد وعدم توفير العناية اللازمة خلال فصل الشتاء.
في استجابة لهذه الأزمة، أطلق الصحفي اليمني معاذ ناجي المقطري، رئيس المركز اليمني للإعلام الأخضر، مبادرة لإنقاذ هذه الحارسة التاريخية، تحت عنوان “معاً لإنقاذ حارسة الدهر”. وقد استعان بفريق من الخبراء لدراسة أسباب تدهور الشجرة وتقديم حلول عاجلة للحفاظ عليها.
أكد تقرير الخبراء أن الانشقاق ناتج عن تفاعل معقد لعوامل بيئية وهيكلية تراكمت على مر السنين. من أبرز هذه العوامل، تسرب المياه إلى التجويف الداخلي المكشوف الذي سرّع من تحللها بفضل العوامل الفطرية والبكتيرية، خاصة مع بدء موسم الأمطار. كما يشكل هبوب الرياح القوية وزيادة وزن الشجرة بسبب تشبعها بمياه الأمطار تهديداً مستمراً يستدعي تدخلاً عاجلاً.
ولمعالجة هذه المشكلات، أوصى التقرير باتخاذ إجراءات علاجية فورية تتضمن تنظيفاً معمقاً للتجويف الداخلي، وتطهيره، وإغلاق الجروح الكبيرة بمعجون متخصص، بالإضافة إلى تقييم الحاجة لدعم هيكلي مؤقت.
أوضح المقطري أن فريق الإنقاذ، الذي ضم خبراء بيئيين ومهندسين زراعيين، قد بدأ بالفعل في معالجة التحليل الفطري والبكتيري الذي وصل إلى 90% من لب الشجرة الداخلي. كما تم التعامل مع تسربات المياه ومستعمرات النمل الأبيض التي أضعفت هيكل الشجرة بشكل كبير.
شملت إجراءات الإنقاذ التي بدأت في يونيو، التنظيف والتعقيم الشامل للتجويف، وإزالة المخلفات الضارة، واستخدام مواد عضوية صديقة للبيئة لمعالجة الشقوق. كما تتطلب المرحلة القادمة توفير المياه والمغذيات لتعزيز قوة الشجرة، وإزالة الأحواض الإسمنتية لتحرير جذورها.
يؤكد قادة المبادرة على أهمية وضع شجرة الغريب ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، لما لذلك من شأن في توفير حماية دولية لها وجذب دعم للبيئة في اليمن. هذه الشجرة ليست مجرد نبات، بل هي تجسيد حي للتراث الطبيعي العالمي وقصة صمود وتاريخ جديرة بأن تُروى للعالم.
ارتبطت شجرة الغريب بالعديد من القصص والطقوس والممارسات المحلية، كما كانت وجهة للسياح قبل تفاقم الأوضاع في اليمن. وقد أدى الصراع الدائر إلى إهمال الشجرة وزيادة تعرضها للآفات والأمراض، وهي أمور تعرقل نموها وصحتها.