جزيرة سقطرى اليمنية في خطر: تغير المناخ والسياحة تهددان نظامها البيئي الفريد بـ”غالاباغوس المحيط الهندي”

تُعدّ جزيرة سقطرى اليمنية كنزاً بيئياً فريداً، حيث تُشكّل موطناً لثمانمائة وخمسة وعشرين نوعاً من النباتات، يُعدّ ثلثها مهدداً بالانقراض ويوجد في أماكن أخرى من العالم. هذه الأرقام تبرز أهمية الجزيرة كـ “غالاباغوس المحيط الهندي”، كما وصفها عالم البيئة كاي فان دام.
وتحذّر الدراسات من أن ملايين السنين من التطور البيولوجي الفريد في سقطرى باتت مهددة بشكل خطير. ويُعتبر التغير المناخي هو العامل الأكبر في تعريض التنوع البيولوجي للخطر، حيث أن أي تغيير طفيف في مناخ الجزيرة، الذي يتميز بالجفاف، قد يؤثر بشكل كبير على أنظمتها البيئية الهشة.
وتفاقمت الأضرار البيئية في سقطرى بفعل الأعاصير المدمّرة التي ضربت الجزيرة في عامي 2015 و2018، والتي أتت بعد موجات جفاف طويلة ناجمة عن التغير المناخي. وأسفرت هذه الظواهر المتطرفة عن تدمير الشعاب المرجانية، وتآكل التربة، واقتلاع نباتات نادرة وكائناتها.
ويواجه أحد أبرز رموز الجزيرة، أشجار اللبان المتوطنة، تهديداً وجودياً. فقد صنف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أربعة أنواع من أصل أحد عشر نوعاً معروفاً من أشجار اللبان في سقطرى على أنها “مهددة بالانقراض بدرجة حرجة”، بينما صُنفت خمسة أنواع أخرى على أنها “مهددة بالانقراض”.
ويُعدّ الرعي الجائر، خاصة من قِبل الماعز، تحدياً آخر يهدد بيئة الجزيرة. إذ يؤدي ذلك إلى تدهور المواطن الطبيعية ويمنع نمو الأجيال الجديدة من الأشجار المعمّرة.
وتجذب سقطرى السياح بجمالها البكر، لكن هذا الإقبال المتزايد يفرض ضغطاً على بيئتها الهشة. ورغم تحديد عدد الزوار بما لا يتجاوز 4500 سائح سنوياً، ومنع بناء المباني الضخمة في المناطق الحساسة، لا تزال تحدث مخالفات.
ويشير الدليل السياحي المحلي عبدالرؤوف الجمحي إلى أن بعض السياح يشعلون النيران تحت أشجار دم الأخوين، وينقشون كتابات على الأشجار النادرة، ويتركون خلفهم النفايات، ويزعجون الطيور باستخدام الطائرات المسيّرة.
ويؤكد كاي فان دام، الذي شارك في إعداد دراسة عام 2011 حول تأثيرات النشاط البشري على الجزيرة، أن بعض الأنواع المهددة بالانقراض “تُقتل فقط من أجل صورة سيلفي”، وأن أنواعاً نادرة مثل الحرباء يتم اصطيادها أو أسرها لالتقاط صور تذكارية معها. وبالمقارنة مع جزر غالاباغوس، فإن سقطرى قد تواجه مصيراً مشابهاً إذا لم تتخذ إجراءات حاسمة لحمايتها في الوقت المناسب.
ويبدو أن العادات والسلوكيات الأجنبية قد بدأت تؤثر في النسيج الاجتماعي والثقافي للجزيرة، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 60 ألف نسمة، يلتزم الكثير منهم بتقاليدهم العريقة ويتحدثون باللغة السقطرية القديمة. ويخشى النشطاء المحليون أن يؤدي ذلك إلى تآكل تقاليدهم.
ورغم الضغوط المتزايدة، فإن هناك مؤشرات إيجابية تدعو للتفاؤل. فقد أبدت السلطات في سقطرى انفتاحاً على التعاون، وبدأت مشاريع حماية بيئية يقودها المجتمع المحلي تحقق تقدماً ملموساً. ويشير فان دام إلى أن هذه المبادرات، إلى جانب الجهود القائمة الأخرى، تُعدّ جوهرية لمستقبل الجزيرة.