اخبار اليمن

الريال اليمني يواصل الانهيار القياسي وسط أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة

سجل الريال اليمني تراجعاً غير مسبوق في قيمته ليصل إلى نحو 2,760 ريالاً للدولار الأمريكي في أحدث جلسات التداول، مسجلاً بذلك أدنى مستوى له منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2015. هذا الانهيار المتسارع للعملة المحلية يفاقم معاناة ملايين اليمنيين الغارقين أصلاً فيما وصفه الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وقد أدت هذه المستجدات إلى توقف كامل لعمليات الصرافة في المناطق الخاضعة للحكومة خلال الأسابيع الماضية، فيما تزايدت مخاوف التجار من استمرار التدهور في ظل غياب أي تدخلات عاجلة. ويذكر أن الريال اليمني كان يتداول بنحو 215 ريالاً للدولار عند اندلاع الصراع مطلع عام 2015، مما يعني أن السعر الحالي يمثل انخفاضاً كارثياً يقارب 1,200%، وهو ما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية لليمنيين ودفع أسعار السلع الأساسية إلى مستويات لا يستطيع ملايين السكان تحملها.

ويربط محللون اقتصاديون انهيار الريال اليمني بالأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الحكومة، خاصة بعد توقف عائدات تصدير النفط منذ أواخر عام 2022 نتيجة هجمات الحوثيين على المنشآت والموانئ النفطية. ويطالب الحوثيون باتفاق شامل لتقاسم عائدات النفط وصرف الرواتب في عموم اليمن، وهو خلاف لا يزال يعمق الأزمة الاقتصادية.

وأثار هذا الانهيار موجة احتجاجات شعبية، حيث خرج عشرات المواطنين مطلع الشهر الجاري في مدينة عدن للمطالبة بتدخل حكومي فوري لوقف تدهور العملة وتحسين الخدمات العامة. ووثق تقرير نقلاً عن شهادات مؤلمة لمواطنين تضرروا بشدة من تراجع العملة، من بينهم حسين علي، عامل يومي يعيل أسرة من ستة أفراد ويكسب نحو 15 ألف ريال يومياً. قال حسين علي: “في السابق كان راتبي اليومي يكفي الأسرة، أما اليوم فراتبي بالكَاد يشتري كيلو أرز واحد”، مضيفاً: “مع كل يوم يمر تزداد حياتنا صعوبة”.

وأوضح الخبير الاقتصادي رمزي سلطان القول أن استمرار انهيار العملة سيؤدي إلى تفاقم التضخم ونقص السلع الأساسية وانهيار الثقة بالأسواق، مما يزيد معدلات الفقر والبطالة ويدمر النشاط التجاري. وأرجع السبب إلى اختلالات عميقة في السياسة المالية والنقدية وتراجع إيرادات الحكومة مقابل التزاماتها المتزايدة.

كما أن الانقسام المصرفي بين صنعاء وعدن زاد المشكلة تعقيداً، إذ تتداول العملات الأجنبية في مناطق سيطرة الحوثيين بسعر يقارب 537 ريالاً للدولار، باستخدام أوراق نقدية قديمة تعاني شحاً شديداً في السيولة، مما أضعف قدرة البنك المركزي على التحكم في السياسة النقدية وسمح بتلاعبات السوق السوداء بأسعار الصرف. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 80% من سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، فيما تهدد الأزمة الاقتصادية الحالية بدفع ملايين إضافيين نحو الجوع.

وكانت ثلاث وكالات أممية كبرى قد حذرت الأسبوع الماضي من تصاعد انعدام الأمن الغذائي في المحافظات الجنوبية، حيث أفادت منظمات الغذاء والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسف بأن ما يقارب 5 ملايين شخص يواجهون بالفعل انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، محذرة من أن الأعداد قد ترتفع إلى 5.38 مليون شخص بحلول فبراير 2026 في حال عدم التدخل العاجل.

وأرجعت الوكالات أسباب الأزمة إلى استمرار الصراع، والتراجع الاقتصادي الحاد، والهبوط الحاد لقيمة العملة، إضافة إلى موجات الطقس القاسية التي تعرقل الإنتاج الزراعي وسلاسل التوريد الغذائية.

يذكر أن اليمن يعيش حرباً مدمرة منذ أواخر عام 2014، ومع تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة المعترف بها دولياً، لا يزال السلام الشامل بعيد المنال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى