اخبار اليمن

البرنامج السعودي يعيد الحياة لقصر سيئون التاريخي في حضرموت عقب تعرضه لأضرار جسيمة

يُجسد قصر سيئون، الذي شُيّد على مدار 15 عاماً في قلب مدينة سيئون، تحفة معمارية يمنية أصيلة، بل ويُعدّ من أكبر المباني الطينية عالمياً. ويضم القصر سبعة طوابق تتوزع فيها 96 غرفة بمختلف الأحجام، بالإضافة إلى 14 مستودعاً، ما يجعله شاهداً حياً على عراقة الحضارة اليمنية.

يعكس القصر، الذي يمتد تاريخه لأكثر من خمسة قرون، أصالة الهندسة المعمارية اليمنية. وقد تم اختياره سابقاً ليكون واجهة للعملة النقدية اليمنية، اعترافاً بقيمته التاريخية والثقافية والجمالية رفيعة المستوى.

يُستخدم جزء من القصر حالياً كمتحف أثري، يعرض آثاراً وصوراً وقطعاً أثرية نادرة يعود تاريخها لآلاف السنين، إلى جانب مكتبة عامة لخدمة الباحثين والمهتمين بالمعرفة، مما يجعله مركزاً ثقافياً حيوياً.

تاريخياً، بُني القصر كحصن منيع لحماية مدينة سيئون، لكنه تحول لاحقاً إلى المقر الرسمي لسلاطين الدولة الكثيرية، مما أكسبه لقب “قصر السلطان الكثيري”. بُني القصر على مساحة تبلغ حوالي 5460 متراً مربعاً، واستخدم الطوب اللبن كمادة أساسية في بنائه الأول، مُظهراً في تصميمه تشكيلات هندسية بديعة تعكس تنوع الثقافة والفن في تلك الحقبة.

لم يسلم القصر من تأثير عوامل الإهمال والأمطار الغزيرة، مما أدى إلى تعرضه لأضرار جسيمة، كان أبرزها سقوط جزء كبير من سوره الخارجي عام 2022، مما أثار مخاوف واسعة حول مصيره. هذه الحادثة دفعت الجهات المعنية والسكان المحليين للمطالبة بترميم شامل للحفاظ على هذا المعلم الأثري.

استجابةً لجهود الحكومة اليمنية في حماية الآثار، أطلق البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن مشروعاً شاملاً لترميم قصر سيئون. يهدف المشروع، الذي تنفذه منظمة اليونسكو بالتعاون مع وزارة الثقافة اليمنية والهيئة العامة للآثار والمتاحف، إلى إصلاح الأضرار التي لحقت بالسور الخارجي والجدران الطينية، وترميم السقوف الخشبية والأبواب والنوافذ المنحوتة، مع الاهتمام بالحفاظ على الهوية المعمارية الفريدة للقصر وإعادة تأهيل الزخارف والنقوش التقليدية.

وقد شمل المشروع أيضاً تدريب فرق محلية من مهندسين وفنيين على أعمال الترميم الدورية لضمان استدامتها مستقبلاً. ويُعدّ ترميم القصر خطوة هامة لتعزيز التنمية في حضرموت ودعم الإرث التاريخي والثقافي في اليمن، حيث سيزيد من جاهزيته لاستقبال الزوار وتنظيم الفعاليات الثقافية، ليصبح بذلك معلماً سياحياً وثقافياً بارزاً. يأتي هذا المشروع ضمن جهود البرنامج السعودي المستمرة للحفاظ على الموروث التاريخي والثقافي اليمني، بما في ذلك ترميم المعالم التاريخية الأخرى ودعم الحرف التقليدية وتعزيز اللغات المحلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى