الارشيف / اخبار اليمن

أميركا تغذي عصر الإفلات من العقاب...اليمن أنموذجاً

اخبار من اليمن بقلم: ديفيد ميليباند*

المشهد اليمني - ترجمة خاصة:

الولايات المتحدة تملك القدرة في وضع معيار عالمي لحقوق الإنسان دولياً. لكن ولسوء الحظ، فإن هذا المعيار يتراجع في نظامنا العالمي القائم على القواعد.

توعد الرئيس الاميركي دونالد ترامب باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد القرار الهام الصادر، مؤخراً، عن الكونغرس الاميركي بشأن وقف دعم الحرب في اليمن، والذي أيده أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي. القرار سلط الضوء بحق على كرة نار "كبيرة". فالحرب في اليمن تمثل كارثة إنسانية وفشل استراتيجي، خاصة وأن القوى التي تزعم أنها تعارضها وتحديداً؛ إيران، الجهاديون، الانفصاليون، يكتسبون أراض في أرض الواقع مستفدين من الاستراتيجية "المفلسة" للحرب.

ومع ذلك ، هناك صورة قبيحة أوسع، خارج اليمن. يمكن تلخيصها بـ"عصر الإفلات من العقاب": حيث تمر جرائم الحرب دون عقاب وتصبح قوانين الحرب اختيارية. هذه ليست مسؤولية الولايات المتحدة وحدها، التي لديها القوة والموقف لوضع معيار عالمي يراعي حقوق الانسان، والتي عندما تفشل في القيام بذلك، تصبح الآثار محسوسة في جميع أنحاء العالم، من خلال سقوط المدنيين الأبرياء الذين يتجرعون الأعباء الحربية والانسانية، ومن بينهم أيضاً عمال الإغاثة الذين يخاطرون بحياتهم ويفقدون أطرافهم أثناء القيام بواجباتهم.

هناك أيضاً حالات فردية تفقدك القدرة على نسانيها وتصاب بـ"الصدمة"، ففي الأسبوع الماضي في اليمن، استهدفت غارة جوية محطة وقود على بعد أمتار قليلة من مستشفى، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، بينهم أربعة أطفال وعامل صحي. ورغم ذلك هناك حالات أخرى تتجاوز ما وراء علم إدارة ترامب. تشير الإحصاءات العامة إلى مستوى قياسي طبيعي فظيع.

يمثل المدنيون الآن 90% من جميع ضحايا الحرب. في العام الماضي في اليمن كان هناك ما يقرب من 100 ضحية مدنية في الأسبوع واليمنيون أكثر عرضة للقتل في المنزل من أي مكان آخر.

توضح أحدث الإحصاءات (من 2017) أن أكثر من 300 من عمال الإغاثة قد قتلوا أو أصيبوا أو اختطفوا أثناء تأديتهم لواجبهم. تم إحراق لجنة الإنقاذ الدولية وغيرها من مراكز علاج الإيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية. قصفت المستشفيات التي تدعمها جمعية الهلال الأحمر الإيراني في سوريا 13 مرة على الأقل - لم تعد الفرق الطبية تدير منشآت ثابتة.

نحن نعلم أن الجماعات الإرهابية اهتمامها ضئيل بالقانون الدولي. لكن العديد من الحكومات تتصور أنها تملك حرية التصرف بطريقة غير مسؤولة نظراً لغياب العقوبات والمساءلة لتغيير مسارها. أحد الأسباب هو أن المدافعين التقليديين عن حقوق الإنسان والنظام القائم على القواعد الذي تقوده الولايات المتحدة ، يتراجع عن ذلك. وروسيا وبإسناد من الصين، مستعدة تمامًا للترحيب بـ"المعايير" الأميركية الجديدة، والتي تقلل من المخاوف بشأن حقوق الإنسان، كذريعة لإسناد "الاجراءات التعسفية" من جانب الحكومات الحليفة للولايات المتحدة، وخاصة في سوريا.

من الأهمية بمكان الدفاع عن القوانين والالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. بدأً من الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي. من الصعب وهو أمر لا يغتفر أن نترك الإرهابيين يصلون إلى مستوى عالي في تجاوز المعايير الدولية لحقوق الانسان. إذا لم تقم الدول القوية في العالم بدورها، فمن المستحيل مراقبة النظام. وفي حالة الولايات المتحدة، يعد قرار إدارة ترامب الأخير بعدم السماح بإصدار إحصاء سنوي حول عدد المدنيين الذين قتلوا بغارات جوية نفذتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية، تراجع عن "المعايير العالمية للشفافية".

هناك ضرورة للكشف عن الحقائق المرتبطة بحالات الوفاة في صفوف المدنيين. يجب أن يؤدي وفاة أحد عمال الإغاثة إلى إجراء تحقيق فوري، وإعلان نتائجه الشفافة بالكامل، فاستمرار الفشل في فضح مرتكبي الفظائع مثل تفجير حافلة مدرسية في شمال اليمن في أغسطس من العام الماضي، والذي أودى بحياة 44 طفلاً، يعني أن الحديث عن المساءلة لا معنى له.

إذا كانت الحكومات غير راغبة في التحرك، فعندئذ يجب دعم المؤسسات والمنظمات غير الحكومية. ونشير هنا إلى الجهود التي يبذلها المركز الأوربي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان مع المدعي الفيدرالي الألماني لإصدار أمر دولي لاعتقال مجرمي الحرب في سوريا، ويعد ذلك تحذيراً جيداً لأولئك الذين ينتهكون الحقوق. فالمنظمات غير الحكومية بحاجة إلى عمل مشترك لكشف الحقيقة.

ينبغي الإشادة بالحكومة الفرنسية لدعمها المستمر للاقتراح الداعي إلى تعليق حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في حالات الفظائع الجماعية. وستكون هذه طريقة جريئة لإظهار عدم التسامح مطلقًا مع جرائم الحرب ، والالتزام التام بالأهداف التأسيسية لمجلس الأمن. في حالة غيابه ، فغالبًا ما يكون هناك اعتراض في مجلس الأمن (حق النقض) من قبل أميركا أو روسيا أو الصين. ونشير هنا إلى أن المملكة المتحدة لم تستخدم حق النقض (الفيتو) منذ عام 1989، وكذلك فرنسا.

لقد جعل ترامب القومية والسيادة الوطنية على رأس سياسته الخارجية. لكن نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية كان مبني على ركيزتين: مبادئ حقوق الإنسان العالمية وكذلك حقوق الدول. من خلال التخلي عن دورها التقليدي كمدافع عن المواطنين في مواجهة العنف الذي ترعاه الدول، فإن الإدارة لاتزيد من البؤس اليومي فحسب، بل تغذي "قوى الفوضى".

 

 

 

*الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية - ووزير الخارجية البريطاني الأسبق

 

https://www.theguardian.com/commentisfree/2019/apr/05/america-impunity-yemen

يمكن عرض تفاصيل الخبر بالكامل من مصدره الرئيسي المشهد اليمني
أميركا تغذي عصر الإفلات من العقاب...اليمن أنموذجاً ، هذا الخبر قدمناه لكم عبر موقعنا.
وقد تم استيراد هذا الخبر أميركا تغذي عصر الإفلات من العقاب...اليمن أنموذجاً، من مصدره الاساسي موقع المشهد اليمني.
ولا نتحمل في موقع من اليمن اي مسؤولية عن محتوى أميركا تغذي عصر الإفلات من العقاب...اليمن أنموذجاً.

قد تقرأ أيضا