سقطرى اليمنية: موطن الرفاهية والتنوع البيولوجي في قلب بحر العرب

يضم مطار أبوظبي حشدًا متنوعًا من المسافرين على متن رحلة إلى اليمن، حيث يمتزج رجال يرتدون الأثواب البيضاء ونساء يرتدين الحجابات مع شباب ونساء من مختلف الجنسيات.
سقطرى ليست اليمن المعروف، بل هي جزيرة نائية تشبه الصومال أكثر من صنعاء، وقد نجت إلى حد كبير من الحرب الأهلية التي تجتاح البر الرئيسي، ويتحدث سكانها البالغ عددهم 60 ألف نسمة لغة أقدم من العربية.
تعد سقطرى مركزًا للتنوع البيولوجي، وتضم واحدة من أكثر التجمعات كثافة للنباتات والحيوانات البرية المتوطنة، وقد كانت في السابق محمية لعلماء الآثار ومراقبي الطيور، ولكنها الآن تجذب مستخدمي إنستغرام الذين يبحثون عن مناظر طبيعية غريبة ونباتات تعود إلى العصر الجوراسي.
على الرغم من الاهتمام المتزايد، فإن رحلات الطيران إلى سقطرى محدودة، حيث تغادر رحلتان فقط أسبوعيًا من أبوظبي، مما يحد من أعداد السياح إلى حوالي 4000 سائح سنويًا، كما يشكل السكن عقبة أخرى، حيث لا يوجد في حديبو عاصمة الجزيرة سوى فندقين يمكن وصفهما بـ”الكافيين”.
قاد شون نيلسون، مؤسس شركة تنظيم الرحلات السياحية، رحلة إلى سقطرى، حيث أمضى أشهرًا في البحث عن أفضل المسارات وبرك الأودية، وقد وصل إلى الجزيرة أولًا على متن قارب شراعي من عُمان.
يتميز مخيم نيلسون الفاخر بوسائل راحة فاخرة، مثل الملاءات القطنية والحمامات الخاصة، كما يعمل على توظيف أفراد من المجتمعات المحلية في رحلاته، مما يساعد على بناء ثقة مع شيوخ القرى وشيوخ القبائل.
أثناء الرحلة، استكشفنا هضبة ديكسام، حيث تمتد آلاف أشجار دم التنين العتيقة، وقد التقينا بحارس المنطقة، سليمان المروح، الذي ولد في كهف قريب ولا يزال يرعى ماعزه بين الأشجار.
شهد المروح تغيرًا في المشهد على مدار سبعين عامًا، حيث تضاءل هطول الأمطار واقتلعت الأعاصير المتكررة مساحات شاسعة من الأشجار، كما ازدادت أعداد السياح، مما أثر على البيئة المحلية.
يعمل أحمد، مرشد الرحلة، مع نيلسون على مشروع أرشيف سمعي للغة السقطرية، التي تتعرض لخطر الاندثار خلال جيل بسبب عدم وجود أبجدية مكتوبة وتنامي التأثير العربي.
يأمل الكاتب في أن يستمع السياح إلى نيلسون، الذي يروج لنموذج سياحي أكثر وعيًا، وإلى أحمد، الذي يعمل على الحفاظ على لغته، وإلى المروح، الذي يحافظ على الجمال الهش للجزيرة.