روسيا وحليفتها إيران.. قصة دعم “بارد جدًا”

على مدار 12 يوما، تبادلت إيران وإسرائيل الضربات الجوية والصاروخية حتى إعلان وقف إطلاق النار بين الطرفين. بدأت إسرائيل الهجوم العدواني بدعوى تحييد خطر البرنامج النووي الإيراني، لكن الضربات الجوية الإسرائيلية متعددة الأهداف، وحملة الاغتيالات التي طالت كبار المسؤولين العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين، أشارت إلى أهداف أوسع تصل إلى حد تغيير النظام.
وقالت روسيا إنها قدمت مقترحات للتوسط بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، لكنها لم تُظهر علامات حول نيتهم تقديم دعم فعلي لإيران. أدانت روسيا تصرفات إسرائيل، وأعربت عن تعازيها لقيادة وشعب جمهورية إيران الإسلامية لما وقع من خسائر بشرية عديدة.
ورغم التحالف الوثيق بين روسيا وإيران، فإن موسكو آثرت أن تكون لهجتها أكثر ميلا للاتزان، مقتنعة بأن الدور الذي يمكن أن تلعبه هو دور الناصح والمصلح والوسيط بين المتخاصمين. لم تكن لهجة روسيا في الأحداث الأخيرة متوقعة، خاصة أن الكثيرين توقعوا سماع عبارات تهديد رنانة من الرئيس الروسي ومسؤوليه.
وفي الواقع، كانت المنصة الألمانية “دويتش فيله” قد توقعت مثل هذا السلوك الروسي، مشيرة إلى أن موسكو رغم كونها ترتبط بشراكة إستراتيجية مع طهران فإنها لن تقدم لها مساعدات عسكرية في حربها. بحسب “دويتش فيله”، فإن الحرب الإسرائيلية على إيران مثَّلت فرصة ذهبية لروسيا فيما يخص حربها المستمرة مع أوكرانيا، حيث ساعد انشغال القادة الأوروبيين والأميركيين مع إيران في إبعاد أعينهم قليلا عن الساحة الأوكرانية.
وأوضحت “وول ستريت جورنال” أن روسيا لم تعد تعتمد على إيران بشكل كبير في إنتاج الطائرات المسيرة، إذ بات لديها الخبرة الكافية لإنتاجها بنفسها محليا وبكميات كبيرة. كما تستورد الآن مكونات تلك الطائرات من أماكن أخرى غير طهران، مما يقلل احتياج موسكو إلى طهران.
وأشارت “تايم” الأميركية إلى أن أسعار النفط الروسي ارتفعت نتيجة الأحداث في إيران بنسبة 15%، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة لروسيا التي تسعى للتخفيف من الأعباء على ماليتها العامة المنهكة بسبب الحرب الأوكرانية.
وتخلص “ذي أتلانتيك” إلى أن روسيا وضعت حدودا دائما لمدى دعمها للنظام الإيراني، ولطالما تباطأت في إعطاء الأسلحة والدفاعات المتقدمة التي تطلبها منها طهران. وأضافت أن روسيا تعي تماما الخطوط الحمراء فيما يتعلق بالتعاون العسكري مع النظام الإيراني، خاصة في ظل محاولاتها الحفاظ على علاقاتها مع الدول الخليجية.
وأخيرا، يبدو أن بوتين يدرك أن أي مساعدة يقدمها لإيران دون مستوى التدخل الكامل لن تكون كافية لتغيير مسار الحرب، وربما تظهر موسكو بمظهر الضعف. وتخشى موسكو الرهان على “فرس خاسر” مجددا كما حدث في سوريا، خاصة في ظل تعرض طهران “ومحورها” لانتكاسات كبيرة مؤخرا.