اخبار اليمن

القهوة: رحلةٌ عبر التاريخ والروحانيات والثورات والتقاليد العالمية

من مجرد اكتشاف لراعٍ إثيوبي إلى أيقونة عالمية، نسجت القهوة طريقها عبر العصور لتصبح أكثر من مجرد مشروب، بل مفتاحًا لأساطير وطقوس وثورات. يعود تاريخها ليلامس أسرارًا عربية قديمة ويقودنا اليوم إلى مواجهة تحديات عصرية كالتغير المناخي الذي يهدد مزارعيها.

رغم مرور ثلاثين عامًا على ظهور “فرابوتشينو” من ستاربكس، وظهور صيحات سريعة على تيك توك كـ “دالغونا كوفي”، فإن القهوة احتفظت بقدسيتها كجزء متجذر في ثقافات عديدة. تحضر تقليديًا في إبريق خزفي يُعرف بـ “جيبينا” في إثيوبيا، أو تُنكه بالفلفل والقرنفل في السنغال كجزء من تقاليد صوفية، فيما يضيف العرب الهيل لمذاقها الخاص.

القهوة التركية التي تُحضر في “جزوة” نحاسية، تتشارك طريقة تحضيرها مع اليونان حيث تُعرف بـ “كافيداكي”، وتصاحبها عادات قراءة تفل القهوة للتنبؤ بالمستقبل. أما الإيطاليون فيفضلون الإسبريسو كجرعة صغيرة مركزة، بينما يمثل “كافيزينيو” في البرازيل رمزاً للضيافة اليومية.

ولم تخلُ رحلة القهوة من ابتكارات غريبة، فحشوات الجبن في فنلندا والسويد، و”قهوة البيض” الفيتنامية التي نشأت بسبب نقص الحليب، كلها تدلل على مرونة هذا المشروب. وعلى الطرف الآخر، تثير قهوة “كوبي لواك” الإندونيسية جدلًا أخلاقيًا بسبب طريقة جمعها من فضلات حيوان الزباد.

من أصولها المقدسة في اليمن، حيث اعتمدها الصوفيون لأداء صلواتهم الليلية، تحولت القهوة إلى سلعة عالمية عبر حروب استعمارية وزراعات امتدت إلى جاوا والهند والكاريبي والبرازيل، التي أصبحت أكبر منتج لها. حتى المدن الحديثة احتفت بها، ففي تايبيه بدأت فكرة مقاهي القطط، التي انتشرت عالمياً لتصبح ملاذًا يجمع بين الاسترخاء ورفقة الحيوانات الأليفة بجانب فنجان قهوة.

لطالما كانت المقاهي مراكز للأفكار وأحيانًا للاحتجاج، فقد حاول حكام إسطنبول حظرها في القرن السادس عشر خشيةً أن تكون بؤرًا للقلاقل. وفي عصر التنوير بأوروبا، لعبت هذه المقاهي دورًا في تبادل الأفكار الثورية، بينما في أمريكا الاستعمارية، أصبحت القهوة رمزًا للمقاومة ضد الضرائب البريطانية، ما مهد لحركة الاستقلال الأمريكية. اليوم، تعود المقاهي لتبرز كمساحات للعمل المشترك والابتكار، خاصة مع انتشار مفهوم مقاهي القطط حول العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى