خلافات حادة بين العليمي وطارق صالح تشتعل على الساحة اليمنية وسط تدخلات سعودية

تشهد الساحة السياسية اليمنية توترات متصاعدة بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وأحد أعضاء المجلس، طارق صالح. هذه التوترات أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، حيث اتهم طارق صالح، عبر بيان صادر عن المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، العليمي بالإقصاء وإضعاف مؤسسات الدولة، فيما رافق ذلك هجوم مكثف من قبل الإعلاميين والناشطين الموالين له.
واعترف العليمي مؤخراً بوجود تباينات وخلافات بين أعضاء المجلس، لكنه أشار إلى أن هذه الخلافات لا تُعيق وحدة المجلس وتماسكه حول هدف مشترك يتمثل في مواجهة الحوثيين. وأوضح أن مكونات المجلس تتنافس من أجل تصدر المعركة ضد الجماعة الحوثية، مُعتبرًا هذه التباينات جزءًا من هذا التنافس.
في المقابل، أكد طارق صالح على أهمية وحدة الصف الجمهوري والشراكة بين مكونات الشرعية لتحقيق الانتصار الوطني واستعادة الدولة. هذا التصريح جاء خلال ترؤسه اجتماعًا لقيادة المكتب السياسي التابع له، حيث شدد على أن النصر يبدأ من معالجة هذه القضايا.
تأتي هذه التطورات في ظل معلومات كشفت عن تعليق اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي بسبب خلافات عميقة، دفعت ستة من أعضائه إلى التواجد بشكل شبه دائم في الرياض وأبو ظبي، مما يعيق انعقاد اجتماعات المجلس بشكل فعال. وتتضمن الخلافات قضية رئاسة المجلس والضغط لتطبيق مبدأ التدوير. وتتهم المصادر رئيس المجلس بتجاهل الأعضاء الآخرين عند إصدار القرارات أو عقد الاجتماعات، بالإضافة إلى استقطاب شخصيات سياسية دون الرجوع إليهم.
وبحسب المصادر، تدخلت الرياض لمحاولة احتواء الخلافات، لا سيما بين العليمي وصالح، حيث يميل ولاء كل منهما إلى السعودية والإمارات. وتشير المعلومات إلى أن السعودية تسعى لإعادة هيكلة المجلس، الذي يواجه صعوبات في تنفيذ مهامه الموكلة إليه منذ إقالة الرئيس السابق هادي، بما في ذلك توحيد التشكيلات العسكرية والأمنية ومعالجة التحديات الاقتصادية وانهيار العملة.
ويُعزى هذا الصراع إلى طموحات طارق صالح في تولي رئاسة المجلس، ومحاولاته إقناع بعض الأعضاء بضرورة إزاحة العليمي. كما يُقال إن العليمي عرقل محاولات صالح لفرض سيطرته السياسية والعسكرية على محافظة تعز، بالإضافة إلى سعيه لتحويل أجزاء من الساحل الغربي والحديدة إلى محافظة جديدة تحت سيطرته.
ويصف مراقبون سياسيون، مثل مصطفى راجح، تصرفات طارق صالح بأنها نابعة من صعوبة تقبله لموقعه الحالي كرئيس للمجلس، بعد أن اعتاد على رؤية العليمي في موقع أقل منه. ويرى راجح أن هذا التحول ليس سهلاً على من نشأ تحت مظلة السلطة الوراثية، وأن هجومه على العليمي يعكس طبعاً متأصلاً يستحيل الانفكاك منه، خصوصاً مع تزايد التنافس بين الشمال والجنوب والمؤثرات الإقليمية.
من جهته، اعتبر الناشط السياسي هشام المسوري أن طارق صالح خرج من عباءة الحوثيين كعبء على الشرعية، فهو لا يمتلك هوية سياسية واضحة أو قضية وطنية عامة تدفعه لدعم المقاومة والتحرير. ويرى المسوري أن إعادة دمج صالح في المشهد السياسي لم تكن قرارًا سياسيًا حراً بل هروباً من وضع صعب، وأن أداءه لا يعكس إرادة حقيقية لتحرير البلاد، بل انشغالاً بصراعات السلطة والمزايدة على ما تبقى من الشرعية.
ويشير المسوري إلى أن طارق صالح لم يقم بخطوات فعلية لمواجهة الحوثيين، بل يكتفي بالمساحة التي يسيطر عليها وينجذب إلى الصراعات الداخلية، ويسهم جهازه الإعلامي في ترويج سرديات الحوثيين وطعن في قضايا وطنية مثل قضية تعز. ويرى أن صالح لم يجرِ أي قطيعة مع إرث عمه ولم يبنِ مشروعاً خاصاً به، ما يجعله عبئاً على شرعية تفتقر للمبادرة.
من جانب آخر، يطالب البعض بدمج قوات طارق صالح تحت مظلة وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة، وإغلاق أي سجون خاصة أو كيانات موازية للدولة في مناطق نفوذه بالساحل الغربي. ويرى المدافعون عن هذا الرأي أن هذه الخطوات ضرورية لضمان وحدة القرار الشرعية وتعزيز قدرتها على فرض هيبة الدولة واستعادة بوصلة معركة التحرير.
وفي سياق متصل، حذر باحث في سياسات إيران بالشرق الأوسط من استعداد حلفاء الإمارات في الساحل الغربي ومحيط عدن لـ “مقتلة جديدة” ضد حزب الإصلاح في تعز وباقي المحافظات. ويرى أن هذه الحملة التحريضية بقيادة صحفيين وسياسيين وعسكريين تهدف إلى تقديم أنفسهم كـ “مناضلين” بينما هم عملاء لمخابرات أجنبية، مما يعيد للأذهان سيناريوهات سابقة بدأت بـ “عمليات جراحية” لمواجهة ما يصفونه بالإرهاب.