ضربة أميركية لإيران: البرنامج النووي يتباطأ لكنه لم ينتهِ

مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، شنت الولايات المتحدة هجومًا على منشآت البرنامج النووي الإيراني، مما أثار جدلاً كبيرًا حول فعالية هذه الضربة.
كشفت صور الأقمار الاصطناعية، التي حللتها شركات متخصصة، عن حركة مركبات غير طبيعية حول موقع فوردو النووي الإيراني قبل وقوع الضربة. بعد الضربة، أظهرت الصور وجود أضرار سطحية، لكن لم ترد تأكيدات قاطعة حول اختراق التحصينات العميقة للموقع أو انهيار أساسي للمبنى تحت الأرض، وفقًا لما ذكرته صحيفة واشنطن بوست.
وتصريحات رسمية صدرت عن البيت الأبيض أعلنت أن الضربات “تمت بنجاح كامل”. في المقابل، نفى مسؤول إيراني من محافظة قم وقوع أضرار جسيمة، مؤكدًا أن الموقع “لم يتضرر بشكل خطير”، مما يزيد من صعوبة تقييم الوضع الحقيقي.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم تسجيل أي تسرب إشعاعي من المواقع الثلاثة المستهدفة، مشيرة إلى أن الضربات لم تؤثر على السلامة الإشعاعية للمنشآت. وتشير التقارير إلى أن الضربات “أبطأت تقدم البرنامج النووي الإيراني”، لكنها لم توقفه بالكامل.
واعترف مصدر إسرائيلي رسمي بأن الضربة “أبطأت البرنامج من سنتين إلى 3 سنوات على الأكثر”، لكنه أقر بأن “ذلك لا يعني الانتهاء منه”، وفق ما أدلى به وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر.
وحتى الآن، تتحدث تقارير صحفية عن أن الضربات أصابت منشآت حول فوردو، لكنها لم تؤكد اختراق التحصينات بالكامل. وتشير صور الأقمار الاصطناعية إلى “أضرار سطحية” في بعض أجزاء المجمع، وليس انهيارًا شاملًا.
ويقول الخبير النووي ديفيد ألفرايت “لا نرى دمارًا لا رجعة فيه في فوردو… طالما الملاجئ تحت الأرض تعمل، فإن إيران تملك ساعة نووية تدق بصمت”. كما أشار إلى أن الأسلحة الخارقة للتحصينات لم تُستخدم بالفعالية الكاملة، مما جعل الضربة “غير حاسمة إستراتيجيًا”.
ويؤكد الخبراء العلميون أن البرنامج النووي الإيراني ليس مجرد أجهزة طرد مركزي أو منشآت خرسانية، بل بنية معرفية مكونة من آلاف المهندسين والفيزيائيين النوويين. ويشير ماثيو بون من كلية بلفر بجامعة هارفارد إلى أن “الضربات العسكرية قد تدفع إيران إلى القناعة بأن الردع النووي هو السبيل الوحيد للبقاء”.
ورغم ذلك، يرى بعض المراقبين أن الضربة قد تكون دافعًا لإيران إلى التحول من برنامج “قابل للمراقبة” إلى برنامج أكثر سرية وجوهرية، وربما تنسحب إيران من المفاوضات الدولية وتغلف برنامجها بالغموض.
إن القول بانتهاء البرنامج النووي الإيراني ليس سوى إعلان رغبة سياسية، لا حقيقة إستراتيجية، فالأغلب أن البرنامج لم يُستأصل، بل توقف مؤقتًا أو أُجبر على تغيير شكله.